ميدلت بريس . نت – متابعة
على الرغم من تعدد المحاولات التي قامت بها السلطات المحلية من اجل تحرير الملك العام بالمدينة والتي استحسنتها الساكنة المحلية , إلا ان موسميتها وعدم استمراريتها في الزمن اعطى الانطباع للمستفيدين من استغلال الملك العمومي على ان السلطة عاجزة عن تحرير ملك الدولة , وما تحركاتها الموسمية الا لتؤكد بها انها هنا من حين لآخر, وكأننا امام لعبة القط والفار .

في مقابل ذلك يستبيح المستفيدين من اصحاب المحلات التجارية مع استثناءات حتى لا نعمم والمقاهي المطاعم والباعة الجائلين الذين اصبح جلهم مستقرين بأماكن خاصة بهم الفضاءات العمومية فلم يكتفوا بالرصيف بل تعدوه الى عمق الشوارع والممرات . *على عينك يا بنعدي * بل اصبح الرصيف والشارع هو المحل التجاري وورشة النجارة والحدادة واصلاح السيارات بل ومجالا لنصب خيام المناسبات للأفراح وللأتراح بما فيها الشوارع الرئيسية بالمدينة والبعض حول الشارع العام الى مرءاب دائم لسيارته , وأبدع مستغلي الملك العام اشارات مرور جديدة يستدعي الامر ادخالها في قانون السير لمنع الوقوف والتوقف امام محلاتهم . فمن يعيد الحق في السير الآمن لأصحاب السيارات والراجلين ومستعملي الرصيف والشارع ؟

لقد اصبحت عبارة تحرير الملك العام مفهوما يحيل الى القوة وكانك تحرر وطن من مستعمر بل يبدو ان تحرير وطن اهون من تحرير الملك العام والذي بالصدفة تعود قوانين تنظيم استغلاله للفترة الاستعمارية بظهير 30 نونبر 1918 والذي اشار الى أن الأملاك العامة تشكل “رصيدا عقاريا مهما للدولة، وآلية من آليات الاستثمار، وخدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، موضحا أن هذا الملك “موضوع رهن تصرف العموم، وغير قابل للتفويت”، في انتظار مشروع قانون في نفس الاطار تحضره حكومة العثماني .

لهذا نقول للسلطات المحلية والمتدخلين لاداعية لتكرار العملية مادامت النتيجة واضحة , لان استعصاء اجتتثاث الظاهرة سيزيد من ترسيخ قناعة عجز السلطة لدى الساكنة ومحتلي الملك العام ولن يزيد من الظاهرة الا استفحالا فمن يحتل شبرا الامس يحتلا امتارا اليوم وغدا امتارا اخرى , مادامت السلطات تتحرك وفق ظهير 1918 والذي اصبح متجاوزا ولا يساير اشكاليات هذا العصر .

لقد أصبح موضوع احتلال الملك العمومي محطة تتداخل فيها المزايدات السياسية والانتخابية خلال الانتخابات . والكل يريد استغلاله لصالحه في الفترات الإنتخابية بل واصبح يتمدد بكل احياء وشوارع المدينة مثل انتشار السرطان في الجسم .

وهنا نتساءل اين هو دور نقابة التجار في توعية التجار خاصة منهم اصحاب المحلات والمقاهي المستغلين للفضاء العمومي ؟ اين هو دور امناء الحرف ايضا ؟ والسؤال الاكبر اينهم المسؤولين المباشرين ايضا ؟
لقد اصبح التدخل استعجاليا ليس بالحملات التقليدية إن كانت حليمة ستعود لعادتها القديمة ,بل بحلول واقعية يمكنها ان تحل معضلة استغلال واحتلال الملك العام واستعادةحقوق الراجلين وكل مستعملي الطريق في السير الآمن بالتعجيل بفتح السوقين النموذجيين المغلقين وتنظيم الباعة الجائلين في فضاءات تضمن لهم كسب لقمة عيشهم بكرامة .



