ميدلت بريس.نت -بقلم حميد الشابل.
اعتقد من حق الدراما المغربية أن تفتخر بهذا العمل الفني. الذي يجسد القمة في الإبداع والتمثيل مسلسل ياقوت وعنبر دغدغ مشاعر الكثير من المتابعين والمشاهدين :
اختيار موفق في اختيار الممثلين، وفي إسناد الشخصيات. السيناريو والحوار محبوك، بكل تفاصيله، ويشدك شدا. مواقع التصوير مختارة بعناية فائقة، الأحداث والمواقف وتيمات المسلسل، صحيح جريئة وفيها تمرير رسائل خفية ومعلنة من خلال مشاهد ولقطات قد تكون دخيلة وغير معهودة في أوساط المجتمع المغربي المحافظ على سبيل المثال هروب إحدى بنات عنبر من بيت الزوجية وتبنيها لأفكار تحررية كالعيش مع رجل غريب تحت سقف بيت واحد وإعلانها الحمل منه دون خوف من الأهل والمجتمع بل بتسامح مفضوحة من هذا الوسط الذي تعيش فيه.....
مسلسل سيعرف نقاشا مستفيضا وسيؤرخ بشكل من الأشكال لتاريخ مرحلة مجتمعية تعرف تغييرات غير مسبوقة في العادات والتقاليد والقيم....
مسلسل ناقش تناقضات المجتمع كما هي، عن طريق التنائيات المتناقضة، من غنى وفقر، الحرية والالتزام، الجد والهزل، الحب والكره، الانحراف و الإصرار على النجاح، العامل ورب العمل، حمولات كل جيل ونظرته للعالم وللحياة....
عمل فيه مهنية إتقان، كل حلقة لا تشبه الأخرى ليس فيها ملل ولا إعادة وليس فيه اطناب ولا حشو زائد، تخال ان الأحداث قريبة منك وتحدث كل يوم أمام عينيك...الجميل أيضا أن جميع الممثلين باستثناء دور أو دورين تحس انهم يتلذذون بتمثيل الشخصيات، وأداء الدور بحرفية عالية ولا في المسلسلات السورية أو التركية. أما المصرية فقد دفنها من غير رجعة.
عمل سيترك بصمة في عالم إنتاج المسلسلات المغربية. رغم ما فيه من أفكار قد تبدو فاضحة يظل عمل ناضج بإمكان كل أفراد العائلة متابعته بشكل جماعي دون خدش الحياء الجماعي.
الإخراج وكل ما يحيط به من تصوير ومكياج وملابس وديكور....غاية في الإبداع والصنعة....نظرة مختصرة حول العمل وبعض الاضاءات الخافتة حول مسلسل ترك انطباعا خاصا عند العديد من المشاهدين المغاربة خصوصا مشاهدي القناة الأولى إحدى ركائز الإعلام المغربي الذي ينعته العديد بالحموضة….
اسيدي هذا العمل بما فيه، مِمّا يمكن ان نتفق عليه او ان نختلف معه. يستحق التنويه وان ينعت بنعوت بعيدة كل البعد عن الرداءة والحموضة. بل لها علاقة باللذة والمتعة وان الدراما المغربية تطورت وصارت يوما بعد يوم تقنع المشاهد المغربي…بل العربي المؤمل في صُنّاع الفرجة ومخرجي هكذا أعمال فنية التي قد تعجب البعض، وتزعج البعض وتجعل البعض الآخر كارها لها ومنتقدا لها. ولو أنها أحببنا أو كرهنا تعكس بعمق جزء بسيط مما يقع في المجتمع المغربي الذي يفضل البعض اخفاءه..
نعتقد أن هذه المسلسلات تؤثر تأثيرا بليغا بوعي أو بغير وعي في المخيال الشعبيي بل حتى في السلوك الفردي والجماعي. لدى نأمل في مخرجينا وصناع هذه الأعمال وضع هذا الرهان في الحسبان، لمعالجة الخلل والتصالح مع قيمنا التي تدعو في الأصل إلى التعايش المشترك وإيجاد الحلول مهما كان عمق وضخامة المشاكل والأزمات.
لنا عودة للموضوع.
حميد الشابل
