الهوية الجماعية و الهوية الفردية و ترتيب الأولويات

2021-07-15T15:12:58+01:00
2021-07-15T15:13:07+01:00
منبر الجريدة
15 يوليو 2021
الهوية الجماعية و الهوية الفردية و ترتيب الأولويات
رابط مختصر
ميدلت بريس.نت - نافذتكم على الخبر

ميدلت بريس.نت-بقلم الغازي لكبير – أغبالو

بعيدا عن الخوض في المفاهيم و التعاريف الفلسفية، يمكننا مقاربة الهوية انطلاقا مما يعكسه الواقع المعيش و يرسمه من ملامح لهذا المفهوم نظرا لارتباطه الوثيق بالثقافة و اللغة و الاعتقاد (أو عدمه) و استحالة فصله عن السلوك و المظهر. في اعتبارنا توجد هويتان رئيسيتان، الهوية الجماعية من جهة و الهوية الفردية من جهة ثانية. فالهوية الجماعية أو المشتركة هي ما تتقاسمه مجموعة من الأفراد من قيم و انتماء بينما الهوية الفردية هي ما يخص الفرد من مميزات و يجعله مخالفا لغيره. و سواء كانت فردية أو جماعية، فهي تُؤَسس على الذاكرة و التاريخ و يحددها المجتمع مباشرة عبر التنشئة الإجتماعية أو بطريقة غير مباشرة عبر العلاقات التي ينسجها الفرد مع غيره. و تتكون كل واحدة من هاتين الهويتان من هويات فرعية متنوعة مثل الهوية الدينية بحيث أن الهوية الوطنية المغربية مثلا تضم الذي يتدين بالدين الإسلامي و باليهودي و بالمسيحي و كذلك مَن لا دين له، و هي هويات فرعية مختلفة بالرغم من أنها تدخل في هوية جماعية واحدة التي هي الهوية المغربية. نجد كذلك الهوية اللغوية بحيث أن مِن بين المغاربة مَن يتحدث بالأمازيغية و منهم من يتحدث بالعربية الدارجة و منهم من يتحدث لغة أجنبية دون أن يُستثنى أحدهم من الهوية الرئيسية الجماعية المغربية. كما يمكننا التمييز كذلك في الهوية المجالية بين سكان الجبل و سكان السهل، و بين سكان الهوامش و سكان المركز و بين سكان المجال الحضري و سكان المجال القروي… هويات فرعية عديدة ومختلفة تتفاعل و تتصارع بينها من أجل الخلوص إلى هوية رئيسية جماعية أو فردية بمميزات تختلف من جماعة إلى أخرى و من شخص إلى آخر وفق درجة تأثير كل عنصر ( هوية فرعية) من العناصر المكونة للهوية الرئيسية نتاج التفاعل.و يتصرف كل فرد و كل جماعة وفق هذه الهوية، بحيث أن المغربي الذي يغلب على هويته الفردية الجانب العلمي العقلي يكون أقرب إلى الهوية العلمانية من الهوية الدينية و يكون المغربي نصرانيا عندما تكون الهوية الفرعية المسيحية هي الأكثر تأثيرا على مختلف الهويات الفرعية المشكلة لهويته الفردية. من هذا المنطلق، يمكننا تحديد الهوية الفرعية الأكثر تأثيرا عند كل شخص فقط انطلاقا من ترتيب الأولويات التي يقول بها و يدافع عنها . فما وُضِع في مقدمة الأولويات وما يتم إظهاره و إبرازه يعبر عن قوة الهوية الفرعية المتصلة به و درجة تأثيرها في الصراع بين مكونات هويته الشخصية. و ما يسميه البعض “أوسلوبا تكتيكا مرحليا” ليس إلا تبريرا لقناعة لا يستطيع التصريح بها علانية. يلجأ إلى كلمة “تكتيك” هذه كعذر من أجل تعليل سلوك ناتج عن غلبة هوية فرعية يحبذ عدم الكشف عنها تفاديا للإحراج أو حفاظا على مكسب أو رغبة في منفعة. فمن يدعي الدفاع عن الأمازيغية مثلا و لا يضعها في صدارة أولوياته، و ينصرف إلى أمور أخرى قد تؤخر تنمية الأمازيغية لعقود إضافية يكون قد وقع ضحية لعوامل معينة جعلت من هوية فرعية معادية للأمازيغية قطب هويته الفردية. و بتأثيرها على المكونات الأخرى المتفاعلة أرجأت الأمازيغة و الإهتمام بها إلى وقت لاحق بالرغم من استمراره في القول بها و الحديث عن الدفاع عنها، في أفعاله و تصرفاته يوجد شيء غير الأمازيغية له الأسبقية و الأفضلية. سنسوغ مثالا لهذا التعامل مع الأمازيغية ببعض المناضلين في الحركة الأمازيغية، مثال أولئك الذين جعلوا من “تمغرابيت” مرادفا ل”تمازيغت” و السبب في إقدامهم على مثل هذا الفعل هو تأثير هوية فرعية معادية للأمازيغية في هويتهم الفردية و الجماعية على السواء. على نهج هؤلاء، بدرجات متفاوتة، سار الذين يقايضون الهوية الأمازيغية بمناصب في الأحزاب. سنكتفي بالنموذجين المذكورين لأن أمثلة تلوين الهوية الفردية أو الجماعية بلون عنصر –هوية مؤثر في العناصر الأخرى كثيرة جدا.و في الختام، عندما يشعر شخص (أو تحس جماعة) باحاسيس تقربه أو تبعده من هوية معينة، فإنه يختار أن ينخرط بمحض إرادته في السياق و يتصرف وفق ما يراه مناسبا لمنظوره و منسجما مع تصوره. و لا يجوز أخلاقيا الاختفاء و التستر وراء تبريرات سيكشف الزمن بسرعة عدم وجاهتها.

error: Content is protected !!

kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet kubet