كتاب واراء
– الغازي ميمون
هذه المرة جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن ، لعل شجرة الخيزران تلك بدأت فعلا تذبل بعدما بدأ الورم يصيب أوراقها وأغصانها بل و يتغلغل داخل جذورها ، خاصة بعدما تفجرت فضيحة من العيار الثقيل تتعلق بمحاولة ترامي كائن سياسي يدعي نظافة اليد ومحاربة الفساد على أرض في ملكية أحد أقربائه محاولا تحفيظها، إلا أنه لم يفلح في ذلك بعدما تنبه له قريبه الذي لجأ لوضع تعرض ضد مسطرة التحفيظ التي كان بصددها.
وإن دل هذا على شيء إنما يدل على أن أوراق الشجرة الهشة بدأت تتساقط ، وأصبح واضحا أن هذه الشجرة لن تدوم ولن تعيش طويلا مع ما يعرفه المحيط من جفاف ونذره للمياه، فبينما يقف يوميا مواطنو إقليم ميدلت أمام
الشاشات التلفزيونية لمتابعة الأخبار ، والبحث والتقصي هنا وهناك لعلهم يجدون من ينقل همومهم ويدافع عن مصالحهم لدى مختلف المؤسسات، وإذا بهم لا يشاهدون شيئا، بل يكتفي بعضهم البعض بالإستفسار و التساؤل عن مآل العمليات المرتبطة بالنصب والإحتيال والترامي على ممتلكات الغير ، فهل بات من نؤمنهم على مستقبلنا ومستقبل أبنائنا كذلك . لذلك، لكل بداية نهاية، ولكل مقدمة خاتمة، ولعلها كذلك، ربما يستفيق البسطاء يوما ما ويعودوا لوعيهم حتى لا يفقدوا ما تبقى لهم من أمال في المستقبل، بعيدا عن الكذب والنفاق السياسي الذي أصبح اليوم الطعم الذي يلجأ إليه البعض للضحك على الآخرين، فمتى يستيقظ أهل ميدلت ؟ بعدما تبخرت آمالهم وأحلامهم داخل صندوقة الإقتراع التي طارت بها حمامة زرقاء إلى حيث لن تجد لها سبيلا، اللهم الضحك على الذقون، و كَيُّ الوعي، وتحريك الإحتجاجات و المسيرات، والكيل بمكيالين، ومحاولات تأليب الرأي المحلي، و الركوب على الفشل تلو الفشل لتحقيق النجاحات الواهية التي سيسجلها التاريخ بألم وحسرة بعدما هدرت من عمرهم سنوات من الزمن السياسي الضائع، بل وسيتذكر إباؤنا وأجدادنا أنهم أخطئوا التاريخ عندما وضعوا ثقتهم في مثل شجرة الخيزران هذه التي لا تنتظر أن تنتج لك شيئا.