بمناسبة راس السنة الامازيغية…اللغة الأمازيغية من التقعيد الى التجسيد.
ميدلت بريس.نت- بقلم : مصطفى فيلالي.
بمناسبة التوطين الفعلي للغة الامازيغية في السياق التربوي بالوسط المدرسي، ووسط صدور عدد كبير من المذكرات القطاعية المتعلقة بالتهنئة برأس السنة الامازيغية كما تم تحديده سلفا. و في خضم الإصرار الكبير للأمازيغ على نشر مقالات و عبارات امازيغية على صفحاتهم الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، و تماشيا مع حرص المغاربة قاطبة على متابعة المهرجانات و الاحتفالات المتعلقة بالموضوع
و اقامتها بمختلف ربوع الوطن، استوقفتني مجموعة من التناقضات التي لم أجد لها تفسيرا منطقيا على الأقل.
بعد دخولي لفصلي الدراسي صباح اليوم و تزامنا مع درس يشبر الى التراث الامازيغي و تاريخه و معتقدات امازيغ المغرب القديم، اخترت وضعية انطلاق لدرسي و كانت تتماشى مع الواقع المعيش و الظرفية الحالية . فسألت قرابة ثلاثين تلميذا عن أصولهم… توصلت بعد احصاء بسيط ان 98٪ منهم من أصل أمازيغي. و نسبة قليلة داخل الفصل من نزحت الى هذه المدينة لظروف عمل الأبوين او لظروف أخرى يعلمها الجميع و التي غالبا ما يكون السبب فيها هو تحسين الظروف المعيشية للأسر… لكن ما أثار انتباهي هو ان ذوي الأصول الأمازيغية لا يتقنون لغة آبائهم و أجدادهم، و الأدهى من ذلك أنهم لا يتحدثون بها في منازلهم… و الأمر بتشديد الميم أن أغلبهم لا يفهمها…
و بكوني أستاذا درس_ بتشديد الراء_ بأقاليم تنغير و ورزازات و خالط لسنوات عديدة الامازيغ بمختلف لهجاتهم. ايت مرغاد ،ايت عطا من إلمشان و آيت بوداوود ،ايت حديدو فإنني اتكلم اللغة بطلاقة و أفهم عديد اللهجات الامازيغية المختلفة، و بكوني من افراد الأسر النازحة من الشرق الى مدينة ميدلت الأطلسية الأمازيغية، فإنني حاولت التواصل مع تلاميذي بلغة أجدادهم فعجزوا عن ذلك!!!
نعم عجزوا عن فهم ما أقول و تعجبوا من مخارج حروفي الى درجة كبيرة…
إن هذا الأمر جعلني اتساءل رغم كوني لست ذا أصل أمازيغي و رغم كوني الوحيد الذي يتكلمها بين أفراد أسرتي… لماذا لا يتكلم الميدلتيون و الميدلتيات الامازيغية مع ابنائهم و بناتهم رغم أنهم امازيغ!!!؟؟؟ لماذا يفضلون الحديث بلغة عربية عوض لغتهم الأصلية في الواقع و يشيدون بهذه اللغة في المواقع؟؟؟ اليس في هذا نوعا من النكوص و التغول لصالح لغة أخرى؟ اليس من الأولى أن يتواصل الإنسان بلغته ليحافظ عليها من الضياع و الفتور؟ ايدرك الميدلتيون و الامازيغ المغاربة عموما خطر هذه الظاهرة؟ أليس من الغريب أن يفتصر استعمال اللغة الامازيفية لدى الامازيغ على استعمالها نسبيا في مهرجاناتهم و اهازيجهم خلال المناسبات كالاعرلس و حفلات العقيقة و الختان؟ اليس، من الأولى تعريف الفروع بأصولهم و القيام بزيارات اليها لترسيخها و حمايتها؟
اليس كل ما يشاع عن أهمية الامازيغية و دورها في المقاومة و صنع الأجيال عرضة للضياغ أمام هذا الاعراض عن الحديث بها…
غريب أن نجد أمازيغ لا يتحدثون الأمازيغية
المثير في الموضوع عموما هو أن الصغار لا يعرفون الادوات التي استعملها أجدادهم… فلا أحد رأى او سمع عن أزطا و لا أحد استعمل أروكو او تاروكوت او امشض… و لا أحد من الصغار عرف تاريخ التويزة في الحصاد و الدرس و الحرث… لا أحد يعرف اسم المغزل أو فراش الصوف أو ازنار أو اجلابي… غريب فعلا تنكر البعض لثقافته و جميل أن يعمل البعض على إحيائها.
إن اللغة الأمازيغية إن صحت تسميتها لغة عند المؤرخين تحتاج من المتشدقين بأهميتها الى عناية أكبر من ترويجها خلال يومين متتاليين في المواقع و الصحف. لانها تمثل ثقافة ووعيا و فكرا… و هذه الامور يتم الرقي بها بطرق مختلفة بعيدة كل البعد عن كل ما يجري حاليا… فلا فائدة من مذكرة او منشور باللغة الامازيغية و هو منشور لا يفهمه أطفالنا… و ربما لا نفهمه نحن… لا شيء يرجى من قنوات تلفزية ناطقة بالامازيغية و الامازيغ لا يشاهدونها. كما أنه لا شيء سينضاف لهذه اللغة من طرف أصحابها في، ظل غيابها في الشارع و غياب التواصل بها من طرف العامة.
ليس،هذا ضربا في الامازيغية أو في الأمازيغ لأنني على يقين تام أن الامازيغ أحرار دائما و من تعاملي الطويل معهم أدركت هذه الحقيقة..
. ان كلامي هنا هو مجرد محاولة لبعث الروح في أجساد لغوية تآكلت مع مرور الزمن… أصحاب لغة لا يتذكرونها إلا في يومين
و اتساءل ما مصير هذه اللغة بعد عقد أو عقدين من الزمن… خصوصا و أن الشيب ينخر أجساد الامازيغ كما بنخر مخيلاتهم في ظل التقدم في العمر… فقدنا لرجل عجوز او إمرأة مسنة يعني فقدان ثقافة و فقدان وعي و كلما تقدمنا في العمر نعلم أن حماة الحضارات و الثقافات هم شيوخها أما شبابها فقد تخلوا عنها لظروف خاصة أو عامة في ظل التبعية القصوى لحضارة أخرى فرضت نفسها في الواقع وفي المواقع.
تحية تقدير و احترام لكل أصدقائي الامازيغ… تيموزغا تعني الكثير.
تحدثوا مع اطفالكم بلغتهم في منازلكم و شوارعكم و اداراتكم و ملتقياتكم و لا تجعلوها فقط مجرد شعارات ترددونها…بداية كل سنة…